فصل: ذِكْرُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْكَافِرِ وَالْمَأْمُومُ لَا يَعْلَمُ بِكُفْرِهِ وَالصَّلَاةِ خَلْفَ الْمَرْأَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِمَامَةِ الْأَعْمَى فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: يَؤُمُّ الْأَعْمَى. فَمِمَّنْ كَانَ يَؤُمُّ وَهُوَ أَعْمَى ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ، وَقَتَادَةُ.
1938- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ أَعْمَى.
1939- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ أَمَّهُمْ فِي ثوْبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَعْمَى، عَلَى بِسَاطٍ قَدْ طَبَّقَ الْبَيْتَ.
1940- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أُصِيبَ أَبْصَارُهُمْ يَؤُمُّونَ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أُصِيبَ أَبْصَارُهُمْ يَؤُمُّونَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ أَؤُمُّهُمْ وَهُمْ يَعْدِلُونِي إِلَى الْقِبْلَةِ، حِينَ عَمِيَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: مَا حَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ؟.
1941- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَيْفَ أَؤُمُّهُمْ، وَهُمْ يَعْدِلُونِي إِلَى الْقِبْلَةِ حِينَ عَمِيَ.
1942- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ: ثنا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ، أَنَّهُ أَتَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ الضَّرِيرِ يَؤُمُّ أَصْحَابَهُ؟ قَالَ: وَمَا حَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِمَامَةُ الْأَعْمَى كَإِمَامَةِ الْبَصِيرِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُمَا دَاخِلَانِ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ». فَأَيُّهُمْ كَانَ أَقْرَأَ كَانَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ حَدِيثًا.
1943- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَإِبَاحَةُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَمَّهُمْ وَهُوَ أَعْمَى، وَلَيْسَ فِي قَوْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: وَمَا حَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ، نَهْيٌّ عَنْ إِمَامَةِ الْأَعْمَى فَيَكُونُ اخْتِلَافًا.

.ذِكْرُ إِمَامَةِ الْعَبْدِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي إِمَامَةِ الْعَبْدِ فَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ إِمَامَةَ الْعَبْدِ، كَانَتْ عَائِشَةُ يَؤُمُّهَا غُلَامٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ: ذَكْوَانُ، وَأَمَّ أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ وَهُوَ عَبْدٌ وَخَلْفَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مَسْعُودٍ.
1944- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْتُونَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا عَلَا الْوَادِي هُوَ وَأَبُوهُ، وَعُبَيْدِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِسْوَرُ بْنُ مَخْزَمَةَ وَنَاسٌ كَثِيرٌ، فَيَؤُمُّهُمْ أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ، وَأَبُو عَمْرٍو غُلَامٌ لَمْ يُعْتَقْ. قَالَ: فَكَانَ إِمَامَ أَهْلِهَا بَنِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُرْوَةَ وَأَهْلِهَا، إِلَّا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ يَسْتَأْخِرُ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا غَيَّبَنِي أَبُو عَمْرٍو وَوَلَّانِي فِي حُفْرَتِي فَهُوَ حُرٌّ.
1945- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، كَانَ يَؤُمُّهَا غُلَامٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ.
1946- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَكَانَ عِنْدِي لَيْلَةَ زِفَافِ امْرَأَتِي نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ أَرَادَ أَبُو ذَرٍّ أَنْ يَتَقَدَّمَ فَيُصَلِّيَ فَجَبَذَهُ حُذَيْفَةُ وَقَالَ: رَبُّ الْبَيْتِ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ. فَقَالَ لِأَبِي مَسْعُودٍ: أَكَذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَتَقَدَّمْتُ فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ عَبْدٌ، وَأَمَرَانِي إِذَا أَتَيْتُ بِامْرَأَتِي أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنْ تُصَلِّيَ خَلْفِي إِنْ فَعَلَتْ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي إِمَامَةِ الْعَبْدِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ إِمَامَةَ الْعَبْدِ، وَكَرِهَ ذَلِكَ أَبُو مِجْلَزٍ، وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْمَمْلُوكُ وَفِيهِمْ حُرٌّ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَؤُمُّهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَارِئًا وَمَعَهُ مِنَ الْأَحْرَارِ لَا يَقْرَءُونَ، فَيَؤُمُّهُمْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إِمَامًا حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي عِيدٍ أَوْ جُمُعَةٍ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَؤُمُّ فِيهِمَا.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ أَرْبَعَةً لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ فَذَكَرَ الْعَبْدَ إِلَّا أَنْ يَؤُمَّ أَهْلَهُ، وَيُجْزِي عِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ صَلَاتُهُمْ إِنْ صَلَّوْا وَرَاءَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِمَامَةُ الْعَبْدِ جَائِزَةٌ، وَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ فَالْحُرُّ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنَ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَقْرَأَ فَهُوَ أَوْلَى بِإِمَامَةٍ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ.
1947- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» وَلَمْ يَذْكُرْ حُرًّا وَلَا عَبْدًا، وَيَدُلُّ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ». عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَاللهُ أَعْلَمُ.

.ذِكْرُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْأَعْرَابِيِّ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْأَعْرَابِيِّ؛ فَكَانَ أَبُو مِجْلَزٍ يَكْرَهُ إِمَامَتَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَؤُمُّ الْأَعْرَابِيُّ مُسَافِرِينَ وَلَا حَضَرِيِّينَ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَهُمْ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ أَرْبَعَةً لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ فَذَكَرَ الْأَعْرَابِيَّ، إِلَّا أَنْ يَغْشَاهُ مُهَاجِرٌ فِي مَنْزِلِهِ فَيَؤُمُّهُ الْأَعْرَابِيُّ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي مُهَاجِرٍ صَلَّى خَلْفَ أَعْرَابِيٍّ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا. وَفِي قَوْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ: الصَّلَاةُ خَلْفَ الْأَعْرَابِيِّ جَائِزَةٌ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ إِذَا قَامَ الْأَعْرَابِيُّ بِحُدُودِ الصَّلَاةِ.

.ذِكْرُ إِمَامَةُ الْأُمِّيِّ:

وَاخْتَلَفُوا فِي إِمَامَةِ الْأُمِّيِّ فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ فِي رَجُلٍ أُمِّيٍّ لَا يُحْسِنُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا وَامْرَأَتُهُ تَقْرَأُ قَالَ: يُكَبِّرُ زَوْجُهَا وَتَقْرَأُ هِيَ، فَإِذَا فَرَغَتْ مِنَ الْقِرَاءَةِ كَبَّرَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ، وَهِيَ خَلْفَهُ تُصَلِّي بِصَلَاتِهِ، إِنَّمَا هِيَ تَقْرَأُ. وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَمَّ الْأُمِّيُّ أَوْ مَنْ لَا يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ، فَإِنْ أَحْسَنَ غَيْرَهَا مِنَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُحْسِنْ أُمَّ الْقُرْآنِ لَمْ يَجْزِ الَّذِي يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ أَمَّ مَنْ لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ أَجْزَأَتْ مَنْ لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ صَلَاتُهُ مَعَهُ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيُحْسِنُ يَقْرَأُ سَبْعَ آيَاتٍ أَوْ ثَمَانٍ، وَمَنْ خَلْفَهُ لَا يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ، وَالْإِمَامُ يُحْسِنُ مَا تَجْزِي بِهِ صَلَاتُهُ، إِذَا لَمْ يُحْسِنْ أُمَّ الْقُرْآنِ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ فِي أُمِّيٍّ صَلَّى بِقَوْمٍ يَقْرَءُونَ وَبِقَوْمٍ أُمِّيِّينَ صَلَاتُهُمْ كُلُّهُمْ فَاسِدَةٌ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: صَلَاةُ الْإِمَامِ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ تَامَّةٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَمَّ الْأُمِّيُّ مَنْ يُحْسِنُ يَقْرَأُ فَقَرَءُوا خَلْفَهُ فِيمَا لَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ، كَانَتْ صَلَاتُهُمْ تَامَّةً وَصَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةٌ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَرَءُوا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ، وَإِذَا أَمَّ الْأُمِّيُّ بِقَوْمٍ يَقْرَءُونَ وَبِقَوْمٍ لَا يَقْرَءُونَ فَإِنْ قَرَأَ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ كَانَتْ صَلَاتُهُمْ جَائِزَةً، وَكَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْأُمِّيِّينَ جَائِزَةً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَرْضُ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنُ، وَفَرْضُ مَنْ لَا يَقْرَأُ التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّكْبِيرُ، فَإِذَا أَمَّ الْأُمِّيُّ الَّذِي فَرْضُهُ الذِّكْرُ مَنْ فَرْضُهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَقَرَأَ الَّذِي فَرْضُهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَذَكَرَ اللهَ الْأُمِّيُّ بَعْدَ أَنْ أَدَّى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ، فَأَيُّهُمَا أَمَّ الْآخَرَ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُؤَدٍّ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَؤُمَّ مَنْ يُصَلِّي قَائِمًا عِنْدَ مَنْ خَالَفَنَا وَيُؤَدِّي كُلٌّ فَرْضَهُ، وَيُصَلِّي الْمُتَيَمِّمُ بِالْمُتَوَضِّئِينَ، فَمَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ أُمِّيٍّ وَقَدْ أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فُرِضَ عَلَيْهِ؟ وَقَدْ أَجَازَ مَنْ هَذَا مَذْهَبُهُ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْجُنُبِ وَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي صَلَاةٍ وَلَا مُؤَدٍّ فَرْضًا، فَقِيَاسُ هَذِهِ أَنْ يَكُونَ الْأُمِّيُّ الَّذِي يُؤَدِّي فَرْضَهُ أَوْلَى بِأَنْ تَجُوزَ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
1948- حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ أَبُو خَالِدٍ، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ السَّكْسَكِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُول اللهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ يُجْزِي مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ». قَالَ سُفْيَانُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ». قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَدًا عَلَى هَذَا، ثُمَّ حَدَّثَنَا مَرَّةً فَزَادَ فِيهِ قَالَ: فَضَمَّ الرَّجُلُ عَلَيْهَا يَدَهُ، وَقَالَ: هَذَا لِرَبِّي فَمَاذَا لِي يَا رَسُول اللهِ؟ قَالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي». قَالَ: فَضَمَّ عَلَيْهَا الْأُخَرَى، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ خَمْسٌ لِرَبِّي وَخَمْسٌ لِي.

.ذِكْرُ إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَؤُمُّ إِذَا كَانَ رَضِيًّا، هَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى إِمَامَةَ وَلَدِ الزِّنَا جَائِزَةً إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمُ اشْتَرَطَ إِذَا كَانَ مَرْضِيًّا، وَتَجْزِي عِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ الصَّلَاةُ خَلْفَ وَلَدِ الزِّنَا، وَكَانَتْ عَائِشَةٌ تَقُولُ: مَا عَلَيْهِ مِنْ وِزْرِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ، قَالَ اللهُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] الْآَيَةَ تَعْنِي وَلَدَ الزِّنَا.
وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ، رُوِّينَا: أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَؤُمُّ نَاسًا بِالْعَقِيقِ فَنَهَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِنَّمَا نَهَاهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ.
وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ وَلَدُ الزِّنَا إِمَامًا رَاتِبًا، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَؤُمُّ إِذَا كَانَ مَرْضِيًّا وَلَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ غَيْرِهِ.
1949- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا عَلَيْهِ مِنْ وِزْرِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ، قَالَ اللهُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الْآَيَةَ تَعْنِي وَلَدَ الزِّنَا.

.ذِكْرُ إِمَامَةِ الْخُنْثَى:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا أَمَّ الْخُنْثَى الَّذِي كَانَ رَجُلًا الرِّجَالَ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ خَلْفَهُ، وَإِذَا كَانَ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّ الرِّجَالَ، فَإِذَا كَانَ مُشْكَلًا فَصَارَ رِجَالًا وَنِسَاءً لَمْ يَجْزِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ مِنَ الرِّجَالِ، وَأَجْزَأَ ذَلِكَ النِّسَاءَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ.

.ذِكْرُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْكَافِرِ وَالْمَأْمُومُ لَا يَعْلَمُ بِكُفْرِهِ وَالصَّلَاةِ خَلْفَ الْمَرْأَةِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي رَجُلٍ كَافِرٍ أَمَّ قَوْمًا مُسْلِمِينَ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِكُفْرِهِ حَتَّى صَلُّوا ثُمَّ عَلِمُوا بِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ. حُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَكُونُ صَلَاتُهُ إِسْلَامًا إِذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الصَّلَاةِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، هَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيِّ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَوْ صَلَّتِ الْمَرْأَةُ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ ذُكُورٍ، فَصَلَاةُ النِّسَاءِ مُجْزِيَةٌ، وَصَلَاةُ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ الذُّكُورِ غَيْرُ مُجْزِيَةٍ.
وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: صَلَاتُهُمْ مُجْزِيَةٌ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْمُزَنِيِّ.

.ذِكْرُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ أَبَاهُ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَؤُمُّ أَبَاهُ، فَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَلَا أَخَاهُ أَكْبَرَ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَحْسَنُ مَا نَطَقَ بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْظِيمَ لِأَمْرِ الْأَبِ، فَإِنْ يَكُنْ أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لْا تَجْزِيَ صَلَاةُ الرَّجُلِ خَلْفَ ابْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَعْنًى، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ ابْنِهِ، وَعَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ.
1950- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَنَسٍ فَقَامَ ابْنٌ لَهُ وَخَرَجَ مِنْ أَرْضِهِ يُرِيدُ الْبَصْرَةَ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ فَرَاسِخَ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَامَ ابْنٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ تَبَارَكَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ: طَوَّلْتَ عَلَيْنَا.
1951- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ قَمَادِينَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَنَّ الزُّبَيْرَ، كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ.
1952- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَؤُمُّ الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ أَبَاهُ.